لدينا اليوم جيل واعد قارئ مثقف له حضور على الساحة الثقافية والعلمية والاقتصادية، كل ذلك انتج وعياً وسلوكاً مجتمعياً مختلفاً، فقد أصبح الاهتمام بالأدب والرواية وريادة الأعمال والإدارة وما يتصل بذلك كالإبداع والتغيير وتطوير الذات والاحصاء والدراسات مما لا يكاد تخطأه العين، كما أن هناك عدداً لا يحصى من الدورات وورش العمل التي تقام في تلك المجالات والتي تستهدف شرائح متعددة ابتداءً من شريحة طلبة المدارس والجامعات إلى الشباب والمسؤولين على مختلف المستويات، ومن الملاحظ كذلك أن عدد دارسي الدراسات العليا والشهادات التخصصية من الذكور والإناث زاد بشكل مضطرد.
وأما في العالم الإفتراضي ستجد في تويتر على سبيل المثال كثيراً من يعرف بنفسه بـــ”مهتم بأمور الإدارة والقيادة”،”مهتم بالإبداع وإدارة التطوير والتغيير”، “مهتم بالقيادة والعمل الخيري” و “مهتمة بالتنمية البشرية وتطوير الذات.” وكذلك يوجد قنوات متخصصة باللغة العربية وآلاف الفيديوهات المرفوعة على موقع اليوتيوب تناقش مواضيع الإدارة المختلفة، فضلاً عن المواقع والمنتديات على شبكة الإنترنت، هذا الزخم العظيم والكم الهائل شكل لدينا خطاباً إدارياً هدفه تطوير الأداء الإداري على مستوى الأفراد والمنشآت سواءً كانت خاصةً أم حكومية.
كل ذلك أوجد حراكاً في البنية المجتمعية فأصبح ليس غريباً الحديث عن الخطط والأهداف ومؤشرات الأداء، وإدارة المشاريع والموارد البشرية والحوكمة، كما لم تعد هذه المصطلحات حكراً على الشركات والمؤسسات الكبرى بل ولم تعد حكراً على أصحاب الشهادات العليا فالمؤسسات الحكومية، وكثيراً من الشركات والهيئات الربحية وغير الربحية تناقش خططها وأهدافها واستراتيجياتها وتضع مؤشرات أداء لتراقب أعمالها.
ومن أهم القواعد التي تتبناها الإدارة الحديثة: الاحصاء كوسيلة للتحليل الكمي للمتغيرات أو ما تشير إليه أدبيات الإدارة إلى أن “ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته” وعليه فإن استشراف المستقبل ورسم السياسات من اقتصادية، وتجارية واجتماعية، وثقافية يعتمد بشكل كبير على الاحصاءات والمعلومات. فيمكن القول أن المعلومات والاحصاءات حجر أساس في التخطيط والتسويق والترويج بل وتصحيح الخلل إن وجد، كما يمكن القول أن عملية اتخاذ القرار والمقارنة بين البدائل وتحديد المشكلة تعتمد بكل كبير على توفر الاحصاءات والمعلومات المفصلة والحديثة ذات العلاقة، كذلك التعرف على التغيرات والأنماط في السلوك والقدرة على تقديم نظرة أكثر وضوحاً.
إن الهيئات والمراكز حكومية أو خاصة المعنية بالاحصاءات والمعلومات كالهيئة العامة للإحصاء والمركز الوطني للمعلومات والأبحاث السياحية ومؤسسة النقد العربي السعودي وشركة أرامكو السعودية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ومن خلال الهيئة العامة للاحصاء ومبادراتها كبوابة البيانات المفتوحة تهدف إلى إحاطة الأطراف ذات العلاقة وتزويدهم بالمعلومات والاحصاءات اللازمة التي تمكنهم وتجعلهم في وضع أفضل لاتخاذ القرارت الملائمة.