قصتي مع الكتب المستعملة طويلة فقد بدأت منذ سنوات، بدأت تجربتي معها بالرياض فكنت في سفراتي للرياض أذهب لزيارة مكتبات الكتاب المستعمل، لكن لماذا الكتاب المستعمل؟ إنه أرخص سعراً، وفي الغالب هو المكان الذي تجد فيه الكتب النافدة طبعاتها.

دلني أخي عبدالعزيز الخريدلي على موقع http://www.bookfinder.com/ وهو موقع متميز لشراء الكتب، والحق أني جربت غيره كثيراً ولم أجد مثله، خصوصاً أنه يبحث في مكتبات الإنترنت المختلفة، وهذا يريح من عناء البحث في عدد من المواقع.

من القصص التي مرت أني ربما أجد النسخ الأرخص من الكتاب في بلدان بعيدة، فمثلاً أردت شراء كتاب للعالم الأمريكي فليب سيزلنك، هو من علماء الإجتماع الذي أثروا الفكر الإداري في خمسينيات وستنيات القرن الماضي، وجدت أرخص نسخة –مع حساب سعر الشحن- تباع في ألمانيا! فاشتريت الكتاب بثمانية يورو وكان قيمة الشحن تسعة يورو. ومرةً وجدت أرخص نسخة من كتاب المرجع في المنظمات جمع جيمس مارش في الهند، وأذكر أني لما أردت شراء كتاب علم الإجتماع ونظرية النظم الحديثة وجدت نسخته في هولندا واللطيف في الأمر أني وجدت قصاصة لجريدة –بلغة هولندية- وأظنها لقاء مع برفسورة ربما هي مالكة الكتاب السابقة.     

وكم وجدت قصاصات أو اهداءات داخل الكتب، فمرةً أشتريت مخطوطاً في الحج ووجدت بداخله قصاصة قديمة تؤرخ لتولي السلطان عبدالحميد رحمه الله، ومرةً وجدت في مخطوط آخر اشرتيته رسالة عتاب من شيخ لتلميذه، كما وجدت مرةً في كتاب اشتريته من مكتية عامة كانت تبيع الكتب التي لا تريدها إهداءً بخط المؤلف وهو الفيلسوف هربرت دريفيس أحد أشهر منظري المدرسة الظواهيرية في أمريكا وهو الذي كتب مقدمة لكتاب الفلسوف الألماني مارتن هيدجر الكينونة والزمان، كما أذكر أوراق امتحانات داخل بعض الكتب والتي يزيد عمرها عن العقود الأربعة.

وأما أسعار الكتب فتتفاوت فأذكر مرةً أني أردت شراء مرجع كانت قيمة قريب 500 دولار عن التقنية والمنظمات هذا الكتاب يقع في أربع مجلدات جمع بين دفتيه أهم ما نشر في حقل المنظمات والتقنية في تاريخ علوم الإدارة، لكن ترددت لغلاء الكتاب، ثم لما عزمت على شراءه وجدت النسخة قد بيعت، وأما النسخ الأخرى فسعرها لا يقل عن 1400 دولار، ولم أشتر الكتاب حتى الساعة علي أن أجده بسعر أرخص، وكثيراً ما اشتريت كتباً بدولارٍ أو اثنين! طبعاً أضف إليها سعر الشحن قد يصل قيمة الكتاب تقريباً عشرة دولارات، بل أذكر مرةً أن زميلي أشترى كتاباً دراسياً من الإنترنت ثم باعه مستعملاً على مكتبة الطلبة في الجامعة بربح 20 دولاراً بعد أن استخدمه لترم كامل فسبحان من وهبة هذا الحس العجيب.

وأما العناية بالكتاب المرسل من حيث التغليف فعجب، كثيراً ما يأتي الكتاب مغلفاً في جلاد أو كيس بلاستيك وضع بطريقة فنية رائعة رائقة، بل أعرف بعض المكتبات الانترنتية تعتني بالكتاب لدرجة أنها ترسله على البريد المسجل دون مبلغ إضافي –ومعنى البريد المسجل أنه لا بد من توقيع المستلم على استلام الطرد-، كما وجد عدداً من المرات رسائل –بخط اليد- من المكتبات الانترنتية تدعوني إلى الاستمتاع بالكتاب، وفي عدد من المرات وجدت هدايا كالفواصل الورقية، كما تأتيني خصومات تصل إلى 20% على الإيميل.

ومن قصصي مع ذلك جمعي لكتب مظفر شريف والذي هاجر إلى أمريكا وتعلم في أرقى جامعاتها جامعة كولمبيا ودرس في برنستون ويال وغيرهما مظفر شريف من مؤسسي علم النفس الإجتماعي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، لم يكن علي من السهل جمع تراثه خصوصاً أنه توفي قبل أكثر من عقدين من الزمان، من فوائد المواقع الإلكترونية أنها تجمع مصنفات الشخص الواحد، بحيث لو بحث عن مصنفات جون ديوي الفيلسوف والمنظر الأمريكي لوجدتها كلها، سواءً ماكان طبعته جديداً أو مستعملاً، ما كان في بلدك الذي تسكنه أو البلدان الأخرى،وقد فعلت قريباً من ذلك مع جون ديوي إلى أن الأمر أيسر لشهرته وتوفر كتبه.

الكتاب المستعمل لا يخلو من المنغصات فمثلاً في أحيان قليلة جداً أجد أن وصف الكتاب يذكر أن الكتاب لا يوجد بداخله حواشي أو تعليقات أو تخطيط من مالكه السابق ثم يكون الحال خلاف ذلك، أو قد يصلني أيميل اعتذار بعد يوم أو اثنين من شراء الكتاب أن الكتاب قد بيع، وربما قد حصل مرةً أن الكتاب لم يصلني بتاتاً أو وصلني كتاب آخر –خطأ في العنوان فكتابي أرسل لشخص آخر وكتابه أرسل لي-، لكن في الغالب يمكن حل هذه القضايا بالإيميل.    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *