هناك اهتمام غير مسبوق بالغباء فقد نشرت الصحف المحلية عدداً من الدراسات المعتنية بهذا الموضوع فعلى سبيل المثال
نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 16 يناير 2016 مقالاً بعنوان ” الأكل ليلاً يسبب الغباء!
ونشرت عكاظ بتاريخ 27/6/ 2016 مقالاً بعنوان “”سبونج بوب” طريق الصغار نحو الغباء”
وهناك سبب آخر للغباء نشرته صحيفة الشرق بتاريخ 22/12/2014 كما في عنوان المقال “إدمان مواقع التواصل الاجتماعي نتائجه سلبية على الذاكرة ويسبب الغباء،”
نشر في صحيفة الشرق 11/5/2016 في مقال بعنوان الأكل متأخراً في الليل يسبب الغباء.
أخيراً شارك موقع أخبار أم بي سي بنشر الخبر التالي “دراسة حديثة البرجر يسبب الغباء” وذلك بتاريخ 27/9/ 2014. فهل وجود معامل ارتباط ولو ضعيف بين البرجر والأكل ليلاً وسبونج بوب ومواقع التواصل الاجتماعي من جهة والغباء من جهة أخرى يسيغ العنوان السابقة!
هذه المقالات تستند على دراسات تصفها بالحديثة، ولننتقل من الارتباط إلى السببية فهل الأكل ليلاً هو سبب الغباء، أم أنه يؤثر على وظائف أعضاء تؤدي للخمول وعدم التركيز وغيرهما وهذا الذي يوصف بأنه مقياس الغباء كما في الدراسة يعلق الأستاذ محمد الحاجي “نعيش في عالم معقّد، من النادر أن تجد فيه علاقة واضحة وصريحة بين أي أمرين. كيف تفسّر السعادة مثلا؟ هل نستطيع أن ندّعي ببساطة أن نوع سيارتك يحدّد مستوى سعادتك؟ في الغالب هذا مستحيل وغير منطقي. هناك عوامل أخرى تتداخل بشكل معقّد وتنتج شخصاً سعيداً، فأي دراسة تطرح هذا الموضوع يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التفسيرات والعوامل الأخرى المحتملة. ففي مثالنا هنا، نوع سيارتك يحددّه دخلك السنوي، وهذا الدخل السنوي يحدّد احتمالية سفرك لإجازة في المالديف أم لا، هذه الرحلة تساهم في سعادتك أيضاً. إذن هل الدخل السنوي هو سر السعادة؟ هل تم شرح هذا التفسير الجانبي في «الخبرية» العلمية أم تم اختزال كل شيء بعنوان عريض: الهايلوكس تسبّب الحزن؟”
ومن الغباء والاقتصاد إلى الجمال في دراسة نشر موقع العربية بتاريخ 18/5/2017 عنوان مقال “النوم ليلاً يزيد جمال الوجه وجاذبيته” وفي نص المقال ” أفادت دراسة بريطانية حديثة أن حصول الإنسان على قسط كاف من النوم خلال #الليل يزيد #جمال_الوجه وجاذبيته، فيما يجعل النوم لساعات قليلة الشخص أقل جاذبية عند الآخرين.
الدراسة أجراها باحثون بجامعة #ليفربول البريطانية، ونشروا نتائجها الخميس في دورية “الجمعية الملكية المفتوحة للعلوم” البريطانية.” وأضاف المقال “وقال المراقبون إن رغبتهم تقل في التواصل مع الطلاب المتعبين، الذين وصفوهم أيضًا بأنهم أقل صحة. وأوضح الباحثون أن الوجه المتعب، سواء أكان ذلك بسبب الحرمان من النوم أو من غير ذلك، ربما يثير لدى الآخرين مشاعر النفور خوفًا من الإصابة بمرض ما.”
فهل النوم هو سبب لزيادة الجمال، أم أن الوجه غير المتعب يزيد في رغبة التواصل! وما معنى “وأوضح الباحثون أن الوجه المتعب، سواءً كان ذلك بسبب الحرمان من النوم أو من غير ذلك” السببية معناها النوم بقسط كاف يزيد الجمال بينما في المقال الحديث عن الوجه المتعب وعن التواصل مع الآخرين وعن مشاعر النفور.
كيف تحسن اليوغا حياة مرضى التهاب القولون؟
بتاريخ 1/5/2017 نشر موقع العربية الخبر التالي “خلصت دراسة صغيرة إلى أن جلسات #اليوغا الأسبوعية قد تؤدي إلى تحسن جودة حياة مرضى #التهاب_القولون_التقرحي، وهو التهاب معوي مزمن قد يتفاقم بفعل #التوتر” ومما جاء في الدراسة ” وقال هولجر كريمر كبير الباحثين في الدراسة وهو باحث بجامعة دويسبرج-إيسن في ألمانيا “تبدو (اليوغا) آمنة وفعالة لذا فإن من المفيد بالتأكيد إضافة اليوغا إلى أساليب العلاج، ويمكنها على الأقل تخفيف #الألم. ويجب حتما ألا تكون اليوغا بديلا وإنما تدخل إضافي.
وكتب الباحثون في دورية “المداواة بالغذاء و#العقاقير” إن الأبحاث السابقة ربطت بين ارتفاع مستويات التوتر وشدة أعراض التهاب القولون التقرحي فيما ربطت دراسات أخرى بين اليوغا والحد من التوتر بين المرضى والأصحاء على حد سواء”
فالسؤال هل اليوغا تخفف من ألم القولون أم مستوى التوتر؟ وعليه هل أثبتت الدراسات أن انخفاض مستوى التوتر يسببب التقليل من إلتهاب القولون. وعلى افتراض أن اليوغا تخفف مستوى التوتر فهل هذا مختص بمرضى القولون أم بممارسي اليوغا من مرضى القولون وغيرهم مرضى وأصحاء!
ومن الأمثلة كذلك مقال نشر في بي بي سي العربية بتاريخ 9/3/ 2017 بعنوان “الإندبندنت: دراسة تؤكد أن طقوس صلاة المسلمين تقلل آلام الظهر” والمقال عن فوائد الصلاة البدنية والمعنوية ومما ذكر في المقال عن أثر الصلاة تخفيض مستوى القلق، إلا أن السؤال أيهما قبل القلق أم الصلاة فهل من لديه قلق يلجأ للصلاة، أم من يصلي لا نجد لديه مستوى عالي من القلق أم كلاهما، فما هو السبب وماهي النتيجة؟
ومن الأمثلة الشهيرة مقال نشرته البي بي سي العربية بتاريخ 18/3/ 2015 بعنوان “دراسة: الرضاعة الطبيعية تزيد من ذكاء الطفل وترفع مدخوله المالي عند البلوغ،” وهذه الدراسة التي تمت في البرازيل ونحوها من الدراسات التي تربط بين الرضاعة الطبيعية والذكاء أو التحصيل الأكاديمي لم تأخذ في الحسبان العوامل الأخرى المرتبطة كمعدل ذكاء الوالدين لأن الدراسات اللاحقة التي قامت بأخذ ذلك في تصميم الدراسة لم تجد الإرتباط بين الذكاء أو التحصيل الأكاديمي والرضاعة الطبيعية، كما أشارت لذلك دراسة منشورة في صحيفة الوطن أون لاين في مقال بعنوان دراسة: أطفال الرضاعة الطبيعية أقل نشاطا، بتاريخ 30/3/2017. وكذلك الدكتورة ربيكا غودلن في محاضرة على اليوتيوب بعنوان How Statistics Are Misunderstood in the Media and Society.
ومن الأمثلة أيضاً مقال نشر بتاريخ 24/5/2015 في صحيفة الرياض بعنوان “قوة الدولار مسؤولة عن 43% من انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية” العنوان يشير بعبارة قوية إلى المسؤولية أو السبب والنتيجة بل نص المقال على أنه “وبالرغم من أن البيانات المرفقة تظهر بالعين المجردة أن أسعار النفط وبين مؤشر سعر الصرف الفوري للدولار الأميركي ما هما إلا وجهان لعملة واحدة؛ إلا أن لكل منهما عوامل مختلفة تأثر فيه،” وعند قراءة المقال ستجد التحليل مبني على معامل الارتباط وهو يشير إلى وجود علاقة سواءً كانت طردية أو عكسية ولا يشير لعلاقة سببية، المقال أشار إلى أسعار النفط بنفط بحر الشمال ودرس الفترة من 1 يناير 2014 إلى 12 مايو 2015، ليجد علاقة وثيقة 0.96 ( واحد هي أعلى علاقة وهي التي تعني جود عنصر وتحركه يتطابق مع العنصر الآخر)، ولكن المعامل ينخفض بزيادة الفترة المدروسة كما أشار المقال، وبكل حال فمعامل الارتباط لا يشير للسببية كما يوحي عنوان المقال.
ومن الأمثلة التي وتوضح الفرق بين السببية والارتباط العلاقة بين أداء الشركات ورواتب التنفيذين مقال نشره الأستاذ الدكتور ياسين الجفري بتاريخ 23/3/ 2012 في صحيفة الاقتصادية، فهل رواتب التنفيذين سبب تحسن أداء الشركات أم أن هناك عوامل أخرى ككلفة المواد الخام في الصناعة، والضرائب، وحظر التصدير وخلافه، لكن كما ذكر الكاتب “ولكن الملاحظ أن معامل الارتباط لم يتجاوز النصف في الكل، مما يوحي بضعف العلاقة ولا ينفي وجودها”